مبادرة لمعالجة أزمة ديون بلدان الجنوب.. 11 مقترحاً قبيل مؤتمر إشبيلية

مبادرة لمعالجة أزمة ديون بلدان الجنوب.. 11 مقترحاً قبيل مؤتمر إشبيلية
الأمم المتحدة - أرشيفية

أصدرت مجموعة الخبراء المعنية بالديون، التي شُكلت بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في ديسمبر الماضي، تقريرها الرسمي الأول، والذي تضمّن 11 مقترحًا عمليًا ومبتكرًا لمعالجة أزمة الديون المتفاقمة التي تُثقل كاهل بلدان الجنوب العالمي، وتمنعها من تحقيق تنمية مستدامة.

ويأتي هذا التقرير في توقيت بالغ الأهمية، قبيل انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية (FfD4)، المقرر انعقاده في مدينة إشبيلية الإسبانية في الفترة بين 30 يونيو و3 يوليو المقبل، وسط تحديات مالية متصاعدة تعاني منها عشرات الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم السبت.

وترأس الفريق الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، الذي أكد أن التقرير يُعد بمنزلة إعلان عالمي بعدم القبول باستمرار أزمة الديون كأزمة صامتة.

وقال محيي الدين في تصريحاته: "إذا استمرت أزمة الديون دون تدخل، فإنها ستقضي على فرص التعليم، والصحة، والنمو الاقتصادي، وتعطل أهداف التنمية المستدامة لعقود مقبلة. ما نطرحه اليوم هو خارطة طريق عملية قابلة للتطبيق الفوري".

وشدد على أن الفريق تعاون مع نخبة من كبار الاقتصاديين، وصناع القرار، والخبراء التقنيين في إعداد المقترحات، التي تُراعي جدواها السياسية والتنفيذية، وتهدف ليس فقط إلى معالجة الأزمة الحالية، بل كذلك منع تكرارها في المستقبل.

حلول بنيوية وعملية

ينقسم التقرير إلى ثلاثة محاور رئيسية، تتناول جوانب مختلفة من الأزمة البنيوية للديون، وتقدم أدوات مبتكرة قابلة للتطبيق عبر تعاون دولي فاعل.

المحور الأول: إصلاح هيكل التمويل العالمي

يهدف هذا المحور إلى تصحيح الاختلالات البنيوية في النظام المالي الدولي، واقتراح آليات لزيادة السيولة وتخفيف عبء خدمة الدين، من خلال إعادة توجيه وتجديد موارد الصناديق الدولية مثل صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية؛ لتمويل تمديد الاستحقاقات وخفض خدمة الدين أثناء الأزمات.

بالإضافة إلى تطبيق آلية تلقائية لوقف سداد الديون خلال الأزمات الكبرى، مثل الكوارث الطبيعية والصدمات الاقتصادية، وإصلاح الإطار المشترك لمجموعة العشرين ليشمل الدول متوسطة الدخل، ويُسرّع من عمليات إعادة هيكلة الديون، وتعديل تحليلات القدرة على تحمل الديون لتكون أكثر شمولًا لحالة كل دولة وفق واقعها المحلي، وإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة (SDRs) لدعم التنمية عبر مؤسسات التمويل الدولية وتعزيز رؤوس أموالها.

المحور الثاني: تعزيز التعاون الدولي

يركز هذا المحور على تنسيق الجهود بين الدول المقترضة والدول المانحة والهيئات الأممية، من خلال: إنشاء مركز معلومات مشترك لتقديم الدعم الفني للدول بشأن أدوات التمويل المبتكرة مثل "مبادلات الدين مقابل التنمية".

بلإضافة إلى تأسيس منتدى للدول المقترضة لتبادل التجارب والدفاع عن مصالحها بشكل جماعي في المؤسسات الدولية، وتوسيع برامج المساعدة الفنية لمكاتب إدارة الديون في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، لتعزيز الشفافية والقدرة الإدارية.

المحور الثالث: إصلاحات وطنية 

يستهدف هذا المحور رفع كفاءة السياسات الاقتصادية والمالية المحلية، بما يهيئ الأرضية لتمويل مستدام ويقلل من الأخطار السيادية، من خلال تعزيز القدرات المؤسسية للدول المقترضة في مواجهة الصدمات الخارجية والتحكم في مستويات الدين.

بالإضافة إلى تحسين جودة مشروعات التنمية القابلة للتمويل من خلال منصات وطنية موثوقة لجذب استثمارات دولية، وخفض تكاليف المعاملات وتعزيز استخدام أدوات التمويل المبتكرة مثل مبادلات الديون، من خلال تنسيق إقليمي ودولي أكبر.

الإرادة السياسية هي الحسم

أوضح محيي الدين أن هذه المقترحات ستُعرض كجزء من "تعهدات إشبيلية" التي ستصدر عن المؤتمر القادم، باعتبارها خطة تنفيذية عاجلة للحد من أعباء الديون.

وأكد أن التوصيات تمثل إطارًا عامًا قابلاً للتكيف حسب ظروف كل دولة، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الإرادة السياسية والتعاون الدولي متعدد المستويات هما المفتاح الوحيد لتحقيق نتائج ملموسة.

وقال في ختام تصريحاته: "لا يمكن لدولة واحدة أن تحل أزمة الديون بمفردها. الحل يتطلب عملًا جماعيًا على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية، ولا بد من تعامل سياسي شجاع ومسؤول".

وتواجه أكثر من 60 دولة نامية مستويات حرجة من المديونية تهدد استقرارها الاقتصادي والاجتماعي، بحسب تقديرات البنك الدولي. 

وتتداخل أزمة الديون مع آثار جائحة كورونا، وتغير المناخ، وارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، ما يجعل إيجاد حلول شاملة أمراً ملحاً لضمان التعافي العادل والشامل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية